وسط أجواء المراوحة الحكومية، انهمك لبنان بالحركة العربية التي ملأت الساحة داخلياً، من بوابة الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب في بيروت، أمس، لمناسبة ترؤّس لبنان هذه الدورة، وتحضيراً للقمة العربية المقرّرة في الجزائر أكتوبر المقبل، والذي خلا من أي جدول أعمال محدّد، لكنّه حمل في مضامينه رسالة واضحة مفادها: دعم لبنان.
ووفق مصادر مطلعة ، فإنّ هذا الدعم غير كافٍ لتسييل المواقف التي عبر عنها المشاركون في الاجتماع، لكوْن أيّ مساعدة للبنان ستبقى مشروطة بالإصلاحات الاقتصادية والسيادية، رغم كل ما قيل في الاجتماع عن تمسّك بيروت بعلاقاتها التاريخية مع العرب.
وشكّل توافد وزراء الخارجية العرب ومندوبيهم إلى بيروت للمشاركة في اللقاء التشاوري حدثاً في حد ذاته، إذ طغى المشهد العربي على المشهد السياسي الداخلي، فيما عيون الرصْد للوزراء والدبلوماسيين العرب لم تغبْ، لا عن معالم الأزمة الحكومية الناشئة، ولا عن طلائع الحديث في الكواليس الضيقة حول آفاق احتمالات الاستحقاق الرئاسي، وفق معلومات توافرت لـ«البيان».
وما بين مضامين المشهد، فإنّ ثمّة كلاماً عن أنّ بعض القطيعة العربية لبيروت لا يزال مستمراً، وهو ما تجلى من خلال المشاركة في أعمال الاجتماع التشاوري، وتحديداً لجهة الحضور، وفق تصريحات مصادر معارضة، والتي أشارت إلى أنّ الاجتماع حدث في بيروت لأسباب «بروتوكولية» فقط، بما أنّ لبنان يرأس حالياً مجلس وزراء الخارجية العرب، معربةً عن أملها في أن تدين القمة التي ستُعقد لاحقاً السلاح المتفلّت في أيدي الميليشيات، وتدعو إلى حصره بيد الدولة، مع ما يعنيه الأمر من تدعيم ركائز الشرعية في البلاد.
وفي المحصّلة، عُقد الاجتماع بالتراضي والتوافق بين كافّة الدول العربية، وهو اجتماع بلا رسميات ولا أسماء دول، ويتم التداول خلاله بأي ملف، ولا يصدر عنه وثائق ولا قرارات، وفق الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، الذي تحدث باسم الوزراء العرب الذين زاروا بعبدا والتقوا بالرئيس ميشال عون، لافتاً إلى وقوف الجامعة العربية إلى جوار لبنان حكومة وشعباً.
بدوره، أكّد الرئيس عون، على أهمية العلاقات العربية – العربية، لاسيّما في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به العالم العربي وما يواجهه من تحديات تستوجب أقصى درجات التشاور والتعاون المشترك، مشدّداً على تمسّك لبنان بعلاقاته الأخوية مع الأشقاء العرب، لاسيّما دول مجلس التعاون الخليجي».
وفي محطّتها الثانية، زارت الوفود العربية مقر البرلمان، إذ التقت برئيس مجلس النواب نبيه برّي، والذي أكّد أنّ لبنان لن ينسى أشقّاءه العرب، مشدّداً على ضرورة عودة سوريا لجامعة الدول العربية.
بدوره، جدّد رئيس الوزراء المكلّف، نجيب ميقاتي، في كلمة خلال مأدبة على شرف وزراء الخارجية العرب ومندوبيهم، التزام لبنان بتنفيذ كل قرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات الجامعة العربية، بما يرسّخ سياسة النأي بالنفس، وبسْط سيادة الدولة على كامل أرضها، ومنع الإساءة للدول العربية أو تهديد أمنها، مناشداً الأشقاء العرب، لاسيّما في دول مجلس التعاون الخليجي دعم لبنان وشعبه.