
يتناول مؤلف “من القانون إلى المجتمع: جدلية التحولات وتحديات الواقع” العلاقة المعقدة بين النظام القانوني والمجتمع، مع التركيز على السياق المغربي وتحديات تطبيق القانون في إطار التحولات الاجتماعية المستمرة. يعرض الكتاب كيفية تأثير الديناميات الاجتماعية في صياغة الأنظمة القانونية، وكيف تسهم هذه الأنظمة في إعادة تشكيل الواقع الاجتماعي بما يتوافق مع معايير وقيم المجتمع المتغيرة.
الفصل الأول يعالج التساؤل الأساسي: “من يشكل الآخر، القانون أم المجتمع؟”، ويعرض إضاءات سوسيو-قانونية لفهم تأثير القانون على المجتمع من خلال مجموعة من التصورات المعقدة. كما يتناول التحديات القانونية في السياق المغربي، مسلطًا الضوء على المشكلات الحالية التي يواجهها النظام القانوني.
الفصل الثاني يتناول “مسلكيات العنف بين المرجعيات العرفية والقانونية”، من خلال دراسة نموذج الاقتصاص كأداة ردع اجتماعية حيث يتداخل العرفي مع القانوني. يبرز الكتاب تحول ممارسات الاقتصاص من التراث التقليدي إلى آليات الدولة الحديثة، ويستعرض أشكالًا متعددة للاقتصاص، بدءًا من المرجعية السلفية وصولاً إلى العنف السيبراني، مع التركيز على الأبعاد الرمزية والتشريعية لهذه الظاهرة.
الفصل الثالث يناقش “تحديات تنفيذ القانون”، حيث يسلط الضوء على التوترات بين الفاعلين الاجتماعيين والهيئات القانونية في سياق تنفيذ القانون. يتناول الكتاب التحديات الناجمة عن التحولات الاجتماعية المتسارعة، مما يستدعي فهمًا مستمرًا للأدوار القانونية من مختلف الفاعلين، من البيروقراطية السياسية إلى الفاعلين الاقتصاديين.
الفصل الرابع يخصص لدراسة “التمكين القانوني لضحايا الجريمة”، حيث يعرض الكتاب مفاهيم أساسية مثل فجوة الوعي القانوني والمفارقات الثقافية للنخب القانونية. يستعرض الكتاب الحاجة إلى تفعيل آليات التمكين القانوني لضمان حقوق الضحايا، مشيرًا إلى المكتسبات والتحديات التي تواجه تطبيق هذا التمكين في ظل الهيكل الاجتماعي المعقد.
الفصل الخامس يركز على “التشريع الجنائي” في ضوء الديناميات الاجتماعية وتأثيرها في تطور التشريعات الجنائية. حيث يناقش الكتاب دور العقوبات الجنائية ليس فقط كأداة للامتثال، ولكن كوسيلة لضبط السلوك الاجتماعي، مستعرضًا فعالية العقوبات وإمكانات تعديلها وفقًا للتغيرات الاجتماعية.
الفصل السادس يختتم الكتاب بمقاربة تحليلية حول “التغيير التقني والإصلاح الشامل”، حيث يناقش أهمية تكامل الإصلاحات القانونية والاجتماعية. يستعرض الكتاب الديناميات الحركية التي تقتضي ملاءمة النظام القانوني لمتطلبات الواقع الاجتماعي، مع طرح رؤى جديدة حول فرص الإصلاح في ضوء المعوقات الراهنة.
يسعى المُؤلف إلى تقديم تحليل سوسيو-قانوني نقدي يتناول التحديات العميقة التي يواجهها القانون في السياق المغربي، مستعرضًا التوترات بين الأطر القانونية الثابتة والمتغيرات الاجتماعية المتسارعة. فالقانون، الذي يُفترض أن يكون أداة للعدالة والتنظيم، يواجه اليوم تحديات متعددة ناجمة عن التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها التي طالت المجتمع المغربي في العقود الأخيرة. وبينما يظل القانون في صورته التقليدية يُصاغ على أسس متأصلة في أطر ومفاهيم كلاسيكية، تُظهر الوقائع اليومية أن هذه الأنظمة القانونية قد أصبحت في كثير من الأحيان متخلفة عن الإيقاع السريع للتغيرات في بنيات المجتمع والاقتصاد والثقافة.