لا يردّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس(أبو مازن)، أي دعوة أو مبادرة، للعودة إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، رغم عدم التزام الأخيرة بشرطه المسبق لذلك، والمقصود هنا وقف الاستيطان، الذي لطالما وقف حجر عثرة في طريقها، إذ يدرك أبو مازن أن فرص التوصل إلى اتفاق، في ظل الجمود السياسي الراهن، باتت شبه مستحيلة، ولذا يحاول تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، إلى حين تسوية نهائية.
ويسعى عباس في المرحلة الحالية، إلى إعادة ترميم العلاقة التي تهشمت في السنوات الأخيرة، مع الإدارة الأمريكية، وفك العزلة التي كانت فرضتها على السلطة الفلسطينية، إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وبطموح التأثير كذلك في المبادرة (القديمة الجديدة) من الرئيس جو بايدن، وأساسها حل الدولتين، ليتسنى له لاحقاً، تحقيق مكاسب وأهداف سياسية واقتصادية في آن.
خياران
وحسب مقربين من الرئيس الفلسطيني، فإن القيادة الفلسطينية وجدت نفسها أمام خيارين: المواجهة والصدام في حال الإصرار على المفاوضات المشروطة، وهذا ما لا ترغب به السلطة الفلسطينية، أو الانخراط في عملية سياسية يجري التحضير لها هذه الأيام، وتحقيق بعض المكاسب السياسية والاقتصادية، فاختار الثاني وفق مبدأ «أقل الخسائر».
ومن وجهة نظر مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية، فإن إصرار أبو مازن على وقف الاستيطان كشرط أساسي لأية عملية تفاوضية قادمة، سوف يقابله رفض أمريكي، وسيتبعه تقليص للعلاقة الأمريكية مع الفلسطينيين، وعلى الضفة الأخرى، تعزيز هذه العلاقة مع الجانب الإسرائيلي، وعليه، فلم يكن أمامه سوى الموافقة على استئناف العملية السياسية، محاولاً وضع الملف الفلسطيني على أجندة بايدن، وخصوصاً في زحمة الملفات والقضايا الإقليمية والدولية.
وفي كل الأحوال، على الأرض، يستمر الاستيطان دون توقف، سواء استؤنفت المفاوضات أم لا، ولكن من وجهة نظر مراقبين، فعند استئناف المسار السياسي وعودة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فإن الفريق الأمريكي، سيضغط، على الأقل، لعدم الإعلان عن مشاريع استيطانية ضخمة، تفادياً لفشل المساعي الدبلوماسية.