
لا شك أن الحوار ومساعي التكامل العربي التي تبنتها عدد من الدول العربية، كان لها جهد حقيقي في عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، حيث إن قرار الجامعة في النهاية صدر بالتوافق، وهو أحد مصادر قوة القرارات الخاصة بالجامعة، فعندما يكون القرار بالإجماع، ويأتي دون تحفظ من أي دولة عربية، يعكس قطعاً وحدة القرار وسلامة التوجه، وقوة الإرادة السياسية، ويمثل شحنة لإطلاق مسار سياسي يفضي إلى حل شامل ودائم للأزمة، كما يمثل فرصة سانحة للجامعة العربية أن تأخذ دورها الإيجابي، في ما يخص الملف السوري، وتقييمه بالشكل الذي يخدم المصالح المشتركة، وأن يكون الحوار والتعاون هما شعار المرحلة، علماً بأن إعلان دمشق استعدادها لإحراز تقدم حقيقي في حل الصراع، سيساعدها في الفوز بالدعم العربي الحاسم للضغط من أجل إنهاء العقوبات الغربية في نهاية المطاف، والتي تشكل عقبة رئيسة أمام بدء جهود إعادة الإعمار عبر حل سياسي، يحفظ وحدة سوريا وسيادتها، ويلبي طموحات شعبها، ويخلصها من وجود الجماعات المسلحة والإرهابية في أراضيها.
حوار سياسي
أثبتت التجارب أن حلحلة الأزمات العربية المختلفة، لا يمكن أن تكون إلا عن طريق حوار سياسي وحل سلمي.
وغني عن القول، إن كارثة زلزال سوريا قد سلطت الضوء على التأثير الكبير للعقوبات الأمريكية والغربية في سوريا، حيث مثل نقطة تحوّل لافتة. فقد تلقى الرئيس السوري بشار الأسد سيل اتصالات من قادة دول عربيّة، وكان الموقف بمنح دمشق استثناءات، قد حفز إعادة النظر في العلاقات، بعدما كان يقتصر على التواصل ضمن المستويات الدنيا، وأدركت جميع الأطراف أن الوضع الأمني المضطرب، لا يخدم مصلحة أي طرف، بل سيزيد من سوء التقدير، وتقويض التنمية، حيث برزت توافقات عربية وتوافقات إقليمية على إخراج سوريا من مأزقها. ومن المحتمل أن يشارك العديد من الدول العربية في الضغط على الولايات المتحدة لرفع قانون قيصر.
اصطفاف عربي
ومن المنتظر أن تشكل القمّة العربية المقرّرة هذا الشهر في المملكة العربية السعودية، فضاء لمواجهة التحديات التي تسمح بصياغة مواقف تسمح بتوحيد البيت العربي، وهو الأمر الذي لا يعدّ خياراً، بل حتمية وجودية، من منطلق أن الخير لا يأتي بالفرقة والانقسام، بل بالوحدة والتكامل، حيث إن عودة سوريا إلى الحضن العربي، من شأنه تحقيق الكثير من الأهداف، ومن أهمها بسط دور عربي قيادي في جهود حل الأزمة السورية، ومعالجة تبعاتها الإنسانية والأمنية والسياسية، وتبعات هذا الموضوع، في ما يخص المسائل الاقتصادية وأعبائها المالية، لا سيما لبنان والأردن.، وهذا الاصطفاف العربي، من شأنه أن يجعل المجتمع الدولي التعامل مع دمشق بشكل رسمي.