شهدت الخرطوم غارات جوية وقتال شوارع وانفجارات أمس، فيما ما زال ملايين من سكانها ينتظرون تنفيذ التزام الطرفين المتحاربين بشأن إجلاء المدنيين من مناطق القتال وتوفير ممرات آمنة لنقل المساعدات الإنسانية.
حيث روى سكان الخرطوم تفاصيل معارك ضارية دارت أمس، فيما يجوب مقاتلون الشوارع من دون مؤشرات تُذكر على التزام الطرفين المقتتلين في السودان باتفاق لحماية المدنيين قبيل محادثات وقف إطلاق النار المقرر استئنافها في مدينة جدة السعودية اليوم.
وقال مسؤولون: إن المحادثات المزمع استئنافها في جدة ستبدأ بمناقشة سبل تنفيذ الاتفاق الحالي ثم الانتقال إلى وقف دائم لإطلاق النار يمكن أن يمهد الطريق أمام تشكيل حكومة مدنية. وقال دبلوماسي سعودي كبير: إن السعودية دعت قائد الجيش الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إلى القمة العربية المقرر عقدها بمدينة جدة، ولكن دبلوماسيين آخرين توقعا عدم مغادرة البرهان السودان لأسباب أمنية.
وكان موفدو قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو وقعوا ليل الخميس الجمعة في جدة «إعلاناً لحماية المدنيين في السودان». ويقضي هذا الاتفاق الذي تم التفاوض حوله بوساطة أمريكية سعودية بتوفير «ممرات آمنة» تسمح للمدنيين بمغادرة مناطق الاشتباكات وكذلك تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
وتحدث الاتفاق عن مزيد من المشاورات للتوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت، ولاحقاً «مناقشات موسعة لوقف دائم للأعمال العدائية» التي أوقعت منذ اندلاعها قبل شهر أكثر من 750 قتيلاً وقرابة خمسة آلاف جريح وأدت إلى نزوح 900 ألف سوداني من منازلهم إلى مناطق أخرى داخل البلاد أو إلى الدول المجاورة.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول سعودي رفيع وصفه هذا الإعلان بأنه «خطوة مهمة»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن عملية التفاوض ما تزال في مرحلة «أولية».
قتال دارفور
لكن في غضون ذلك، هز القتال الخرطوم والمناطق المجاورة وكذلك مدينة الجنينة في منطقة دارفور منذ أن وافق الجيش وقوات الدعم السريع على «إعلان مبادئ» الخميس. تحدث السكان عن ضربات جوية عنيفة بشكل متزايد. وقالوا إن «جدران المنازل كانت تهتز» في كثير من الأحيان فيما لا يزال القصف المدفعي مستمراً في بعض الأحياء.
وخارج العاصمة، يشهد إقليم دارفور اشتباكات عنيفة أدت، وفق الأمم المتحدة، إلى مقتل 450 شخصاً حتى الآن. وقالت هيئة محامي دارفور، وهي جماعة حقوقية محلية، إن 77 شخصاً على الأقل قُتلوا في الجنينة .
حيث اندلع قتال أول من أمس الجمعة بعد فترة هدوء استمرت أسبوعين. ونفت قوات الدعم السريع تحركها من مواقعها في دارفور وألقت بالمسؤولية عن هذا الوضع المتأزم على الجيش وأنصار الرئيس السابق عمر البشير، قائلة إن هناك مدنيين مسلحين بينهم.
ويعبر آلاف الأشخاص يومياً الحدود نحو مصر، بشكل أساسي. ووصل عشرات الآلاف إلى تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا، وهي دول لم تتلق من أجلها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين «أكثر من 15 بالمئة» من الأموال التي تحتاجها للعمل قبل الحرب.
مساعدات إنسانية
ودعت وزارة الخارجية السودانية أمس، في بيان المجتمع الدولي وخصوصاً الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية و«الهيئة لحكومية للتنمية» إلى تقديم «مساعدات إنسانية» في مواجهة «الوضع الإنساني السيئ». وقال البيان إن الحكومة السودانية «تعهدت» بتخصيص «مطارات بورتسودان ووادي سيدنا العسكري (شرق) ودنقلا (شمال) لاستلام المساعدات».